الجمعة، 12 فبراير 2010

لكيلا نعيش غائبين وغافلين

ما أحوجنا بين الحين والآخر إلى لحظات استرخاء، ننعم فيها بملاقاة أنفسنا، وننفض عن سطح الوعي تراكم الأدران، وهو ما يتحقق غالبا بالاستحمام، كأنما سريان الماء الدافئ لا ينعش البدن وحده، بل والذهن أيضا.
نحتاج لفسحة السكون تلك لأننا كثيرا ما نضيع في زحام الانشغال اليومي اللاهث، وتتوالى أيامنا، نستيقظ وننام، دون أن ننتبه إلى أننا فقدنا، لشدة انهماكنا، طعم الراحة والتعب، والجوع والشبع، وتمييز تمازج الضياء والظلمة، وولادة الفصول الحثيثة... والأخطر هو فقداننا لمعنى الحياة. لذلك ينبغي تدارك الوضع قبل أن يتدهور، فالدنيا دوامة طاحنة ومتاهة قل الناجون منها.
الاسترخاء الذي أشير إليه هو وقت نطلب فيه الصفاء، فنطرح الهموم جانبا ليتقلص إلحاحها المشوِّش؛ ولا نسمح للدخلاء بتعكير خلوتنا، خصوصا التلفاز والهاتف. ثم نبدأ بقياس مدى التصاق الشوائب العالقة بالقلب، وذلك بتلاوة كلام الله بتأن وتمعن، حتى يفتح لنا الفتاح أبواب تدبر آيات كتابه. وقد يسوؤنا ألا نتجاوب مع ما نقرأ، ألا يهتز وجداننا ولا تدمع أعيننا، فيكون ذلك أدعى إلى المثابرة على الانتظام في هذا الموعد اليومي، راجين أن يلين القلب المتحجر فتتفجر منه الأنهار، أو يشَّقَّق فيخرج منه الماء، أو أن يهبط من خشية الله.
لن يتحقق لنا صدق الارتباط بربنا جل جلاله إلا باستحضار عبوديتنا وذلنا له وحده، وذلك يبدأ بامتثال أمره القاضي بدوام ذكرنا له، تضرعا وخيفة، بالغدو والآصال، وألا تلهينا زينة الحياة الدنيا.
بمثل هذه الممارسة والتدريب سنقدر بعون الله على انتشال أنفسنا من الأهواء والمغريات التي تعصف بنا وتتقاذفنا، لنحيا مع الله...